وزير الأعمال: مؤتمر الأونكتاد يعزز الجهود التنموية العالمية

أبريل 25, 2012

أكد سعادة الشيخ جاسم بن عبد العزيز آل ثاني وزير الأعمال والتجارة أن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية يتيح فرصة عظيمة لمواصلة المساهمة في الجهود العالمية الرامية إلى تسريع وتيرة التنمية ووضعها على قاعدة أكثر صلابة واستدامة.
وشدد سعادته، في كلمة دولة قطر المعروضة أمام جلسة الحوار العام بمؤتمر الأونكتاد الثالث عشر الذي تستمر فعالياته بالدوحة، على أن التزام دولة قطر بمسألة التنمية أمر واضح لا لبس فيه، حيث يتم العمل بصورة ثنائية مع المجتمع الدولي من أجل دعم التنمية على الصعيد الوطني، مشيرا إلى أن برنامج دولة قطر المتعلق بالدعم الثنائي هو الأكثر سخاءً على نطاق العالم.
وأكد أن دولة قطر أنشأت الهياكل الأساسية والآليات اللازمة للمساعدة في تعليم وتدريب الكوادر البشرية المطلوبة للتنمية المستدامة، موضحا أنه على الصعيد العالمي، لا يخفى التزام دولة قطر بالتعاون الدولي وبالعمل على تحقيق توافق الآراء بشأن قضايا التنمية، حيث استضافت دولة قطر الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي شهد انطلاق جولة المفاوضات الراهنة التي “تحمل اسم عاصمتنا الرائدة”.
واعتبر سعادته أن دولة قطر جعلت التنمية مقترنة بالتزامها المتمثل في تحقيق مستقبل أفضل للبشرية حيث كانت “أجندة الدوحة الإنمائية”، وأشار سعادته في هذا السياق إلى استضافة الدوحة القمة الثانية لبلدان الجنوب التي تضم مجموعة الـ77 والصين، ومؤتمر المتابعة الدولي لتمويل التنمية، إضافة إلى استضافتها اليوم مؤتمر الأونكتاد الثالث عشر.
وأضاف “إننا نجتمع هنا كمجتمع دولي واحد لتبادل تطلعاتنا، ولكي يتسنى لنا مواصلة الإسهام في التنمية العالمية، لابد لنا من مواصلة التنمية في بلدنا، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، عكفنا على صياغة خطة للتنمية الوطنية الغرض منها أن تصبح قطر مجتمعاً متقدماً قادراً على استدامة تنميته وتوفير مستويات معيشية عالية للسكان كافة بحلول عام 2030، وهذه “الرؤية الوطنية لدولة قطر” تحدد النتائج على الأمد الطويل وتوفر الإطار اللازم لتطوير الاستراتيجيات وخطط التنفيذ الوطنية”.
وشدد سعادته على حقيقة أن الإنجازات القطرية هي ثمرة الموارد الطبيعية التي حظيت بها دولة قطر، مشيرا إلى أن ثمَّةَ أمرا على ذات القدر من الأهمية، هو وجودُ رؤية ثاقبة وقيادة حكيمة متمثلة في شخص حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى اللتين أسهمتا في توجيه المسيرة، وكانت النتيجة هي الاستفادة المثلى من هذه الموارد الطبيعية.
وشدد سعادة الشيخ جاسم بن عبد العزيز آل ثاني وزير الأعمال والتجارة على أن دولة قطر تتصدى في سياق هذه الرؤية الوطنية لخمسة تحديات رئيسية مطروحة أمامها. وقال إن الأول هو عصرنة التقاليد مع المحافظة عليها، إذ “من الجوهري ألا ننفصم عن ثقافتنا وجذورنا في خضم العصرنة، حيث تشمل التنمية، من منظورنا، تطوير هويتنا الوطنية وليس التخلي عنها وفقدانها”.
وأوضح أن التحدي الثاني هو تلبية متطلبات الجيل الحالي والأجيال اللاحقة، مضيفا “نحن لا نتطلع إلى جعل بلدنا مكاناً أفضل للجيل الحالي والذي يليه فحسب، بل لكافة الأجيال المتعاقبة، إذ نعتزم ترك موروث باق ودائم”.
وأشار سعادته إلى أن التحدي الثالث هو كفالة إدارة النمو والحيلولة دون التوسع الجامح، ما يتعين معه التيقن من أن تظل التنمية الوطنية في حدود الإمكانات المتاحة ووفقاً لمقياس قابل للسيطرة عليه وإدارته، توخياً للمحافظة على الاستقرار والانسجام.
وأكد سعادة وزير الأعمال والتجارة أن التحدي الرابع يتمثل في كفالة الاستفادة المثلى من القوة العاملة الوافدة من حيث العدد والنوعية ووفقاً لمسارات التنمية المرسومة.
وثمّن سعادته مساهمات الجميع من كافة بقاع العالم الذين شاركوا في تنمية دولة قطر وقال “نحن نعترف بهذه المساهمات ونقدرها حق قدرها، ويتعين علينا موازنة ذلك مع ضرورة المحافظة على الموروثات الوطنية للأجيال اللاحقة من أبناء قطر”.
ولفت إلى أن التحدي الخامس هو استدامة النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وإدارة البيئة من خلال تنويع القاعدة الاقتصادية على أسس علمية، مضيفا أنه ينبغي لهذا تضافر جهود كافة شرائح المجتمع بغية العمل سوياً لضمان استدامة وشمول مسارنا الإنمائي وتوازنه.
وبين سعادته أنه لتحقيق هذه الغاية فإن رؤية قطر الوطنية تنظر إلى تحقيق التنمية عن طريق أربع دعائم مترابطة هي التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتنمية البيئية.
وفي سياق الموازنة بين متطلبات وموجبات هذه الدعامات الأربع، عبر سعادته “عن الأمل في مواصلة المسار الإنمائي الذي مكّن من تحقيق ما ترونه حولكم من منجزات”. وقال إن دولة قطر لديها الكثير مما يمكن تقاسمه والإسهام به انطلاقاً من تجربتها في مجال التنمية، مشيرا إلى أنها حققت الكثير في غضون فترة زمنية وجيزة للغاية.
وأكد سعادة وزير الأعمال والتجارة أن هذه التوليفة من النعم والموارد الطبيعية والقيادة الحكيمة “تلقي على كاهلنا مسؤوليةً كبيرةً تتمثل في أن نشاطر العالم الرؤية التي نستشرف بها المستقبل، وأن ننقل له تجاربنا من خلال إنجازاتنا”.
ورأى سعادته ضرورة التوصل إلى أسس جديدة في مجال العلاقات الاقتصادية الدولية، قائمة على الاحتواء بدلاً من الإقصاء، والتعاون البناء بين كافة الدول المتقدمة والنامية.
ولفت سعادته إلى أن التغلب على التحديات المطروحة أمام التنمية يستوجب أن تكون الإجراءات التي يتخذها المجتمع الدولي والجهود التي يبذلها قائمة على أساس أخلاقي متين، وتكفل استرشاد الأنشطة الأخلاقية ببُعد أخلاقي قوي، وتكون موجّهة نحو تحسين أحوال البشر.
وقال إن ذلك يعني إرساء هياكل وآليات للحوكمة لا تقتصر على تحقيق التطلعات الإنمائية للبشر فحسب، بل تولي أيضاً الرعاية الواجبة للكرامة البشرية عن طريق إشراك كافة الشعوب بصورة هادفة ومنحها صوتاً في عملية صنع القرارات الاقتصادية.
وأوضح سعادة وزير الأعمال والتجارة أنه ينبغي أن تكون الجهود العالمية الرامية إلى تعزيز التنمية مرتكزةً إلى قيم وأهداف إيجابية، منبها على سبيل المثال، إلى أنه ينبغي أن تكون الأهداف الإنمائية العالمية قائمة على تحقيق الحد الأدنى من الرخاء للجميع في جهود محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأشار إلى أنه نتيجة لذلك، فإن الآليات العالمية لتوطيد العلاقات الاقتصادية الدولية والاستقرار ينبغي أن تعزز تمكين الأفراد، وذلك بتعزيز استحداث فرص عمل منتجة تكفل العيش الكريم، وجعل التجارة أكثر تحريراً وإنصافاً، وإرساء نظام اقتصادي عالمي يحمي الشرائح الأكثر تعرضاً للمخاطر الناجمة عما يتعرض له النظام الاقتصادي العالمي من صدمات يصعب تلافيها، مضيفا أنه “لهذه الأسباب، نحن نأخذ على محمل الجد التشريف الذي حظيت به دولة قطر المتمثل في تولي رئاسة مؤتمر الأونكتاد للسنوات الأربع القادمة”.
وأشار إلى أن فترة رئاسة دولة قطر تصادف الذكرى الخمسين لإنشاء الأونكتاد، حيث تعتزم الانخراط بهمة ونشاط في عمل الأونكتاد، وتتطلع إلى المشاركة في إحياء ذكرى مرور نصف قرن على إنشاء الأونكتاد.
وأكد أن هذه المشاركة ستشمل تقديم إسهامات جوهرية في الجهود العالمية الرامية إلى الاحتفاء بإنجاز الأهداف الإنمائية للألفية بحلول التاريخ المحدد لها في عام 2015.
وتوقع سعادته أن يساهم الأونكتاد مساهمةً هادفةً وعلى نحو استباقي في الجهود العالمية للتحضير لعام 2015، وأن تؤدي الأفكار والمبادرات الناتجة عن هذه الجهود، بما في ذلك في سياق الاحتفاء بالذكرى الخمسين لإنشاء الأونكتاد، إلى اعتماد أهداف إنمائية عالمية جديدة تضع التنمية على قاعدة أكثر صلابة وقابلية للاستدامة، عن طريق معالجة المبادئ الاقتصادية الجوهرية، فضلاً عن معالجة النهج الراهن الذي يركز على تحقيق الأهداف والغايات الاجتماعية.
وقال سعادته إنه يتوقع كذلك أن يساهم المؤتمر الثالث عشر للأونكتاد مساهمةً حاسمةً في تعزيز الأونكتاد بوصفه جهة التنسيق المعنية بالتجارة والتنمية وما يتصل بذلك من قضايا في إطار منظومة الأمم المتحدة.
وأضاف سعادة الشيخ جاسم بن عبدالعزيز آل ثاني أنه يتعين على الأونكتاد الاضطلاع بدور هام في مواجهة التبعات الناجمة عن تغيُر النموذج الإنمائي الذي أسفرت عنه الأزمة العالمية والأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقتنا، فضلاً عن السعي إلى جعل التنمية شاملة لجميع شرائح المجتمع، وتوخي تحقيق الإنصاف فيما يتعلق بالبعد الدولي للتجارة والاستثمار والتكنولوجيا.