وزير الاقتصاد والتجارة يتحدث في منتدى الاستثمار العالمي الذي ينظمه نادي هارفرد في نيويورك على هامش مشاركة رؤساء الدول في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة

سبتمبر 25, 2014

 

 

 

شارك سعادة الشيخ / أحمد بن جاسم آل ثاني- وزير الاقتصاد والتجارة في منتدى الاستثمار العالمي الذي أقامه التحالف الاقتصادي الدولي بنادي هارفارد بمدينة نيويورك بتاريخ 23/9/2014 وذلك على هامش مشاركة رؤساء الدول في اجتماعات الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة . تحت شعار ” المسار الى الازدهار ” .
وقد شارك سعادته باعتباره أحد المتحدثين الرئيسيين المشاركين في المنتدى الذي يضم ضمن الحضور بعض رؤساء الدول ووزراء وأكاديميين بجانب العديد من رجال الأعمال من مختلف أنحاء العالم . ومن ضمن قائمة المدعوين العديد من صناع القرار المؤثرين على مجريات الاقتصاد والتجارة الدوليين بشكل عام والمعنيين بشؤون الاستثمار الدولي بشكل خاص .
وفي سياق الكلمة التي ألقاها سعادة الشيخ / أحمد بن جاسم آل ثاني – وزير الاقتصاد والتجارة نقل سعادته تحيات وتقدير سمو الشيخ / تميم بن حمد آل ثاني- حفظه الله – أمير دولة قطر للحاضرين وعكس سعادته اهتمام سمو الأمير – حفظه الله – وتمنياته بأن يحقق المنتدى النجاح المنتظر ويتوصل للغايات المرجوة منها لما فيه خير الجميع .
وأشاد بالدور البناء الذي للمنتدى في اتاحة الفرصة وبصفة دورية ليلتقي العديد من المفكرين وصناع القرار للتشاور وتبادل الآراء والأفكار التي من شأنها المساهمة في صنع مستقبل اقتصاديات الدول بشكل خاص والاقتصاد العالمي بشكل أشمل عبر التعاون بين كافة دول العالم . وقد نوه سعادته الى أهمية أن يحقق المنتدى نتائج ملموسة للمضي في طريق التعافي الاقتصادي والتوجه نحو الرفاهية لشعوب العالم .
وفي معرض حديثه أشار سعادة الوزير إلى أن الدورة التاسعة والستون للجمعية العامة للأمم المتحدة تنعقد هذا الشهر في ظروف يمر خلالها العالم بمنعطف خطير من حيث تدهور العلاقات الدولية وما تواجهه من تحديات جمة ومؤثره على مستقبل الاقتصاد العالمي والسلم الدولي . وتواجه الأنظمة متعددة الأطراف العديد من المشاكل والمواضيع الحساسة التي لم يواجهها العالم من قبل في تاريخه .
وما لم يتم خلق نوع من التآزر والرؤية الواحدة الواضحة المعالم المشتركة بين كافة دول العالم لمعالجة هذه المشاكل وتجاوز تلك التحديات في كافة دول العالم وأقاليمه ومجتمعاته فلن تخرج البشرية من هذا النفق المظلم .
ونادى سعادته بأهمية ان يلتزم الجميع بخلق ودعم التوجه نحو توفير بيئة مشجعة للنمو في المشهد الاقتصادي العالمي من خلال ابداء حسن النوايا وتضافر الجهود الخلاقة لضمان استقرار واستمرار الاقتصاد العالمي في الازدهار والتطور وفق معايير الجودة المطلوبة في الأداء من خلال استراتيجيات وخطط عمل محكمة .
ومضى سعادته قائلاً إن العالم الآن عند مفترق طرق بسبب تسارع وتيرة تغير الواقع العالمي بسبب المستجدات على الساحتين السياسية والاقتصادية مما فرض تغير القانون الذي يحكم الملعب الدولي . وبالضرورة ولا شك أن تتغير قوانين اللعبة الاقتصادية ، وبالتالي تغير القوانين التي تحكم مصالح الأفراد والدول تفرض نماذج سلوكية جديدة لحماية المصالح .
إلا أنه ولحسن الحظ فإن موضوع هذا المنتدى يحفزنا بأن نركز على شيء واحد نتشارك جميعاً في القيام به وهو ايجاد مسار واحد متفق عليه لتحقيق الرفاهية لشعوبنا من خلال توحيد الأهداف والرؤى وتحديد قواعد جديدة تحكم التعاون الاقتصادي العالمي وكيفية توظيف موارده بالاستثمارات بالطريقة المثلى التي تحقق مصالح الجميع .
ثم أشار سعادته إلى أن قطاع الطاقة يمثل أولوية قصوى لدولة قطر وفي خضم هذه التغيرات هناك حديث يثار حول الجدوى الاقتصادية للبترول والغاز . كما أن احتمال أن تصبح الولايات المتحدة مكتفية ذاتياً وتصبح فقط من المصدرين مطروح ويتم تداوله .
إن المستجدات التي طرأت جعلت هناك تحولاً من الاعتماد الكلي على الطاقة النووية للبحث عن بدائل اخرى ، ولكن سرعة المتغيرات في هذا المجال تركت الفاعلين الأساسيين في حالة من الدهشة والجمود والعجز عن إعادة التأقلم مع سرعة المتغيرات مما اضطر بعض الدول للعودة مجدداً لاستخدام الطاقة النووية . وهكذا أصبح الجميع ليس أمامهم غير خيار واحد وهو تغيير التوجه لدفع أسس جديدة وضوابط تحكم التعامل في هذا المجال مستقبلاً . وهناك العديد من المعلومات المتناقضة والآراء التي تؤثر على المواقف والقرارات التي نتبناها ولعل ذلك يتمثل في التناقض في البيانات المتعلقة بنضوب البترول والغاز المستخرج من الصخور الزيتية حيث توقع البعض نضوب تلك الآبار بحلول عام 2030 فيما توقع البعض نضوبها بحلول أعوام 2017 – 2018 حيث يتوقع أن يكون معدل نضوب تلك الآبار في الولايات المتحدة وبريطانيا بسرعة 60% سنوياً قياساً بمعدل النضوب البالغ 6 – 7% للآبار التقليدية .
ثم تطرق سعادة الوزير إلى أنه لا يود أن يقصر حديثه على التطورات التي حدثت في مجال الطاقة فقط ولكنه أشار الى تلك المتغيرات بهدف توضيح أن الظروف من شأنها التغير بسرعة لا نتوقعها وبالتالي تفرض علينا مستجدات علينا أن نكون جاهزين للتعامل معها من خلال التكاتف والتشاور والعمل المشترك لما فيه خير الجميع .
وذكر سعادته إن دولة قطر رغم تناقض المواقف ما بين الصراعات الجيو سياسية والعقوبات الاقتصادية والمصالح التجارية التي عوًقت الأداء الفعال للنظام العالمي المتعدد الأطراف تتطلع إلى أن تتمكن الجمعية العامة للأمم المتحدة من معالجة التحديات الحالية بنجاح وعلينا أن نتحمل جميعاً مسئولياتنا الفردية ونؤديها بنجاح .
إن دولة قطر ملتزمة بأن تجعل من دورها الايجابي المبني على الرؤية بعيدة المدى والاستراتيجيات التي تتبعها ملتزمة بأن تعظم من فوائد مواردها الاقتصادية والمالية والثقافية لمصلحة شركائها التجاريين ، وبنفس القدر فإن المواطنين القطريين ينتظرون أن تسهم هذه الشراكة في نهضة اقتصادية وتطوير وتقدم تقني يساهم بالضرورة في رفاهية أهلها وتنمية الاقتصاد الإقليمي في المنطقة .
إن دولة قطر ومن موقعها الاستراتيجي في المنطقة تمثل مركزاً رئيسياً وهاماً للاستثمار والتجارة . ولم تصل دولة قطر لذلك إلا من خلال رؤية قطر 2030 القائمة على تحرير الاقتصاد القطري تماماً من الاعتماد على النفط والغاز كمصادر للدخل .
وتعمل دولة قطر التي يتميز اقتصادها بواحدة من أعلي معدلات النمو ضمن اقتصادات العالم حيث يقدر معدل النمو بحوالي 22% خلال الفترة 2006 – 2013 على تحقيق كافة أهدافها التنموية المضمنة في رؤية قطر2030 . ويتلازم مع هذا انعدام أي أرقام مسجلة للبطالة وفي ظل سيطرة تامة على التضخم . وليس ذلك بمستغرب إذا علمنا ان دولة قطر قد سجلت في عام 2010 أعلى معدل نمو في العالم وليس منطقة الخليج فقط ، بجانب أعلى معدلات الائتمان المصرفي حيث نالت مصارفها معدلات AA andAa2. لذا فهي تعتبر المركز الأول للتمويل في منطقة الشرق الأوسط بينما تأتي في المرتبة 26 على مستوى العالم في مجال التمويل .
ومضى سعادة الوزير قائلاً إننا نوجه معظم ايراداتنا للاستثمار الداخلي والخارجي بطريقة متوازنة تضمن لنا تحقيق الأهداف بعيدة المدى وقصيرة المدى . فعلى الصعيد الداخلي نستثمر ما بين 90 – 110 مليار دولار في البنى التحتية والتنمية الصناعية ونخطط لإنجاز العديد من المشاريع العملاقة عبر استثمارات ضخمة تتم على ثلاثة مراحل مدروسة وقائمة على برامج وخطط .
ففي المرحلة الاولى نهتم بالإنشاءات الجديدة وتنمية وتحديث البنى التحتية المتوفرة حالياً بحيث تحقق هذه المشاريع وفي هذه المرحلة عائداً يقدر ما بين 70 – 80 مليار دولار .
أما في المرحلة الثانية والتي تتضمن مشروعات ذات صلة بالبنى التحتية وقطاع الخدمات والنشاطات التشغيلية الاخرى بما يضمن تحقيق ايرادات تتراوح ما بين 130 – 140 مليار دولار ، بحيث ننتقل الى المرحلة الثالثة التي توفر فرصاً ضخمة لمجتمع الأعمال بمختلف قطاعاته للاستفادة من تطوير البنى التحتية والهياكل والمؤسسات الخدمية الاجتماعية وتحقيق أرباح وفيرة . ولعل أكثر القطاعات التي توليها دولة قطر أهمية خاصة وتتجه لها الاستثمارات هي : المشاريع المرتبطة بكأس العالم 2022 الذي يعتبر جزءاً صغيراً من خططنا وطموحاتنا الممثلة في المشروعات التي سيتم تنفيذها في مجالات أخرى كالسياحة وما يرتبط بها من خدمات ومجمعات سياحية ، الطاقة ، التمويل والتأمين ، الرعاية الصحية ، التعليم والبيئة . ومن المهم أن نشير إلى أن دولة قطر تولي أهمية قصوى لقطاعات التعليم والصحة والبيئة .
لذا تشجع الدولة القطاع الخاص المحلي والاقليمي والدولي ورجال الأعمال والشركات العالمية للدخول في استثمارات فردية أو شراكات في مجال التعليم وخدماته والرعاية الصحية وترى أن هذه الاستثمارات ستدر على المستثمرين عوائد مجزية .
وتقف المدينة التعليمية شاهداً ودليلاً على هذا الاهتمام بما تضمه من فروع لأرقى جامعات العالم ومراكز البحث العلمي والمدارس المنشأة على أحدث وسائل التقنية التعليمية لخلق أجيال مؤهلة للمنافسة في الاقتصاد العالمي ولديهم القدرة على الابداع والابتكار ، هذا بجانب ما يخصص للقطاع الصحي ومقداره 4 مليار دولار ضمن هذه الميزانية بحيث يتم انجاز برامج ومشاريع الرعاية الصحية على أعلى مستوى ومطابقاً للمواصفات العالمية .
وقد وجهت دولة قطر جل مواردها المالية للاستثمار الخارجي لدعم النهضة ونمو اقتصادات العديد من شركائها التجاريين عام 2013 ، وهناك متسع لمزيد من الاستثمارات في العام 2014 . وقال سعادته نحن نشجع شركائنا التجاريين على مزيد من التحرك والتفاعل لزيادة حجم ومعدل التبادل التجاري بين كل الأطراف بهدف خلق وتطوير مزيد من الأسواق الاقليمية في وسط وغرب القارة الآسيوية ونعمل على تيسير التبادل التجاري بين الشرق والغرب .
ثم نوه سعادته الى ان دولة قطر وهي توظف جل مواردها للاستثمار في اقتصادات شركائها التجاريين تتطلع الى شركائها لاستثمار معارفهم وخبراتهم في الأسواق القطرية ومشاركة المستثمرين القطريين في خبراتهم ومعارفهم العلمية وخاصة مع الاجيال الناشئة في مجال ريادة الأعمال ولدينا العديد من المشاريع المزمع تنفيذها في اطار تحديث وتطوير مجتمعنا اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً .
وقد درجت دولة قطر من خلال تاريخ طويل وتجربة عميقة على التعامل مع شركائها من خلال الثقة المتبادلة والشفافية والتضامن وتقديم أقصى ما تستطيع لدعم شركائها .
وذكر سعادته ان رؤية قطر لا تقتصر على معطيات واعتبارات الاقتصاد الجزئي وتحقيق المنافع الفردية ولكنها تقوم على تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وخاصة في محيط الدول التي يمكن ان تنشأ معها شراكات جادة وناجحة في تحقيق مصالح كل الأطراف .
وختم سعادته كلمته مؤكداً تطلع دولة قطر لاقتصاد عالمي قائم على التعاون البناء وان لا يقتصر فقط على النشاطات المالية والاقتصادية بل لعلاقات تقوم على الجوانب الانسانية التي تتجاوز المصالح الاقتصادية والمالية بهدف تحقيق رفاهية الانسان في كل مكان على قدم المساواة بين الجميع ، وبما يجعل الجميع رابحين .